ما كان يُفترض أن يكون يومًا عادياً في وول ستريت تحوّل إلى مشهد غير مسبوق، حيث أصبح موقع التواصل الاجتماعي “X” حلبة صراع بين رئيس الولايات المتحدة وأغنى رجل في العالم. النتيجة: حالة ذعر في البورصة وأسئلة مقلقة حول استقرار منظومة التكنولوجيا الأميركية.
البداية: “كومة من الهدر المقزز”
بدأ كل شيء بخلاف حول مشروع قانون موازنة جمهوري. إيلون ماسك، متبنّياً موقفاً متشدداً بشأن الإنفاق العام، هاجم النص علنًا واصفًا إياه بـ”كومة من الهدر المقزز” – وهي تعبير أمريكي يُستخدم للتنديد بإهدار المال العام. وقد نفى أن يكون انتقاده مرتبطًا بتخفيض الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية (EV)، مؤكداً أنه لم يطّلع على تفاصيل مشروع القانون.
Whatever.
— Elon Musk (@elonmusk) June 5, 2025
Keep the EV/solar incentive cuts in the bill, even though no oil & gas subsidies are touched (very unfair!!), but ditch the MOUNTAIN of DISGUSTING PORK in the bill.
In the entire history of civilization, there has never been legislation that both big and beautiful.…
التصعيد: اتهامات، نفي وتهديدات
جاء رد دونالد ترامب فورياً وشخصياً. فمن المكتب البيضاوي، عبّر عن “خيبة أمل كبيرة” تجاه ماسك، قبل أن يشن هجوماً حاداً عبر منصته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد أن معارضة ماسك لمشروع القانون كانت بدافع أناني بحت، وزعم أنه قام بطرده من أحد الاجتماعات.

جاء رد ماسك لاذعًا، حيث وصف تصريحات الرئيس بأنها “كذبة واضحة”. لكن التصعيد الحقيقي جاء مباشرة بعد ذلك، عندما هدّد ترامب بضرب قلب إمبراطورية ماسك: عقوده مع الحكومة الأمريكية.
« أسهل طريقة لتوفير مليارات في ميزانيتنا هي إنهاء الدعم والعقود الحكومية لإيلون. » – دونالد ترامب على منصته الاجتماعية.
هذا التهديد يستهدف بشكل مباشر 22,5 مليار دولار حصلت عليها شركتا Tesla وSpaceX من عقود ومنح فدرالية منذ سنة 2000.
الخيار النووي: ماسك يُشهر قضية إبستين
في مواجهة ما يُشبه إعلان حرب اقتصادية، لجأ إيلون ماسك إلى سلاح من نوع آخر، ناقلاً المعركة من الساحة السياسية إلى الميدان الشخصي والقضائي.
Time to drop the really big bomb:@realDonaldTrump is in the Epstein files. That is the real reason they have not been made public.
— Elon Musk (@elonmusk) June 5, 2025
Have a nice day, DJT!
هذا الاتهام، الذي يتميّز بخطورة استثنائية، شكّل نقطة اللاعودة في هذا الصراع، مما ترك المراقبين والأسواق في حالة من الذهول والصدمة.
عقاب الأسواق: حمّام دم لسهم تيسلا
جاء رد فعل وول ستريت فورياً وعنيفاً. فالمستثمرون لم يروا في الأمر مجرد خلاف عابر، بل علامة على اضطراب عميق في أعلى هرم الدولة وفي قلب القطاع التكنولوجي. وكانت أسهم تسلا (TSLA) الضحية الأولى لهذه العاصفة.
هذا الانهيار محا أكثر من 100 مليار دولار من القيمة السوقية خلال بضع ساعات فقط، مما يبرز الحساسية الشديدة للأسواق تجاه هذا النوع الجديد من المخاطر السياسية.
بالنسبة للمستثمر المغربي، فالمقارنة لا تحتمل التأويل: بورصة الدار البيضاء، التي تبلغ قيمتها السوقية 980,6 مليار درهم (أي ما يعادل حوالي 104 مليار دولار)، تبخّرت قيمتها المكافئة في جلسة واحدة فقط. بعبارة أخرى، أزمة اندلعت من مجرد تبادل تغريدات كانت كافية لزعزعة أكبر مُصنّع للسيارات الكهربائية في العالم، كما لو أنه تم محو السوق المالية المغربية بأكملها بضغطة زر.
وماذا بعد؟
العالم يترقّب الرد الرسمي للبيت الأبيض على الاتهام الخطير الذي أطلقه ماسك. أما الأسواق، فهي تنتظر افتتاح جلسة الغد بقلق شديد. وتُثبت هذه القضية شيئًا واحدًا: في عام 2025، أصبحت الحدود بين منشور على وسائل التواصل الاجتماعي وأزمة مالية خطيرة ضئيلة إلى درجة خطرة.