يحمل الاقتصاد المغربي طموحًا جديدًا تجاه رأس المال الاستثماري. فقد كشفت الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال (AMIC)، بالتعاون مع مكتب PwC Strategy&، عن خارطة طريق تمتد حتى أفق سنة 2030. وتحمل هذه الاستراتيجية عنوان «رأس المال الاستثماري، المسار التحويلي الجديد»، ولا تكتفي بسرد أهداف رقمية، بل تجسد رؤية استراتيجية عميقة، تعتبر رأس المال الاستثماري ركيزة أساسية لتمويل الاقتصاد الوطني.
طموح رقمي... لا يُفصح عن كل شيء
تشريح خطة تحول1. L’effet vertueux domestique2. Le “Magnet Maroc” : une attractivité internationale repensée3. La symphonie public-privé : vers une co-construction agileما لا تقوله خارطة الطريق بصراحة1. تحدي الكفاءات2. الحلقة الثقافية المفقودة3. المرونة في عالم غير مستقر4. عمق السوق:في الوقت الذي تتقاطع فيه تحديات السيادة المالية وإدماج المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتسريع التحولات الاقتصادية، تأتي هذه الخطة لتكون في آنٍ واحد محفزًا ومرآةً كاشفة لطموحات جديدة. لكن بعيدًا عن صدى الإعلان، ما هو حقًا الوعد التحويلي الذي تحمله هذه الرؤية؟ Dirham Digest يفكك لك جوهرها.
خارطة الطريق في أفق 2030 « رأس المال الاستثماري: المسار التحويلي الجديد »
طموح رقمي... لا يُفصح عن كل شيء
الاتجاه واضح: الوصول إلى 5 إلى 6 مليارات درهم يتم جمعها سنويًا في أفق 2030، مقابل مستوى قياسي بالفعل بلغ حوالي 4 مليارات درهم في سنة 2024. تطمح الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال إلى تعزيز دور المؤسسات المغربية، التي يُنتظر أن تمثل 70٪ من الأموال المجمعة، مع إشراك فاعلين جدد مثل المكاتب العائلية (family offices).
هذه الأرقام تبعث على الإعجاب، لكن التوقف عندها فقط سيكون تقليلاً من الأثر الحقيقي لهذا المخطط.
لأن الطموح يتجاوز بكثير مجرد جمع الأموال. فهو يهدف إلى ترسيخ الاستثمار في رأس المال (Private Equity) بشكل مستدام في الاقتصاد الحقيقي، من خلال جعله أكثر وضوحاً، وأكثر شرعية، وأكثر قرباً من احتياجات النسيج الإنتاجي:
- تمويل نمو الشركات الناشئة والمقاولات الصغرى والمتوسطة،
- مواكبة عمليات نقل ملكية الشركات،
- دعم التوسع الدولي للمقاولات المتوسطة.
تشريح خطة تحول
الورقةُ الطريقيةُ تَنتظم حول ثلاث ديناميات مترابطة، صُمِّمَت كمحرّكاتٍ لمنظومةٍ أكثر نضجًا، أكثر مرونة، وأكثر جاذبية.
1. الأثر المحلي الإيجابي
لا يتعلق الأمر فقط بتعبئة المزيد من رؤوس الأموال المغربية، بل بجعلها تتداول بطريقة ذكية:
- توجيه الاستثمارات بشكل أفضل
- مواكبة الشركات على المدى الطويل
- توليد عوائد يُعاد ضخّها في الدورة الاقتصادية.
وهذا يفترض رفع كفاءة الفاعلين، واعتماد هندسة مالية أكثر دقة، مع القدرة على تحديد الشركات الواعدة ذات الإمكانيات العالية، في جميع مراحل نضجها.
2. الـ “Magnet Maroc” : جاذبية دولية مُعاد تصورها
يظل جذب رؤوس الأموال الأجنبية رافعة مهمة، لكن الخطة تغيّر منطقها:
لم يعد الأمر يقتصر على الإغراء من خلال الحوافز الضريبية، بل يتعلق بـبناء ساحة مالية موثوقة، شفافة وتنافسية، قادرة على تقديم أدوات استثمار آمنة وواعدة.
إن سمعة المغرب كقطب إقليمي للاستثمار الخاص ترتكز اليوم بشكل أساسي على جودة ممارساته، وصلابة إطاره التنظيمي، وعمق سوقه.
3. السيمفونية بين القطاعين العام والخاص: نحو تشييد مشترك يتميز بالمرونة
تطمح الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال (AMIC) إلى أن تصبح المخاطب الاستراتيجي للدولة من أجل تجاوز العوائق البنيوية التي تعيق نمو هذا القطاع. ويتطلب ذلك
- إطارًا تنظيميًا أكثر مرونة،
- نظامًا ضريبيًا ملائمًا (خصوصًا فيما يتعلق بمصاريف التسيير)،
- استباق أفضل لاحتياجات السوق،
- إنشاء هياكل قانونية ملائمة (مثل شركات الحيازة، وصناديق الديون، وغيرها).
الهدف واضح: جعل التنظيم محفزًا للنمو، لا عائقًا له.
ما لا تقوله خارطة الطريق بصراحة
وراء الأوراش الظاهرة، تختبئ شروط خفية للنجاح، لا تقل أهمية عن غيرها من أجل تحقيق هذا التحول المنشود.
1. تحدي الكفاءات
يُعدّ رأس المال الاستثماري صناعة قائمة على الكفاءات.
فمن دون جيل من المهنيين المتمرّسين القادرين على البحث عن الفرص، وهيكلتها، وخلق القيمة بعد الاستثمار، وتنظيم عمليات التخارج المعقدة، سيبقى النظام البيئي محدودًا.
2. الحلقة الثقافية المفقودة
لا يزال عدد كبير من رواد الأعمال المغاربة مترددين في فتح رأسمال شركاتهم.
إن تحقيق ديمقراطية حقيقية في هذا domaine يفترض تغيير العقليات، والتكوين، والتطمين، وإثبات الفائدة من خلال أمثلة ملموسة على أن رأسمال الاستثمار الخاص لا يعني التنازل، بل هو فرصة للنمو.
3. المرونة في عالم غير مستقر
كل خارطة طريق تمتد لعشر سنوات معرضة للمفاجآت.
وسيكون النجاح مرهونًا بـقدرة القطاع على التكيف، والتجريب المستمر، والبقاء على تماشٍ مع مهمته الأساسية، رغم التقلبات الظرفية والاقتصادية.
4. عمق السوق:
سد ما يُعرف بـ“الفجوة المفقودة”، أي تلك الشركات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات ذات الحجم المتوسط التي تكون غالباً صغيرة جداً بالنسبة للبنوك وكبيرة جداً بالنسبة لصناديق التمويل الأولي، سيتطلب عرضاً أكثر تنوعاً من الأدوات المالية وقدرة استيعابية أقوى للنسيج الاقتصادي.
إن استراتيجية AMIC 2030 ليست مجرد خطة قطاعية، بل تُجسد رهاناً على مستقبل التمويل الإنتاجي في المغرب.
لن يُقاس نجاحها فقط بالمليارات التي سيتم جمعها، بل بـعدد الشركات التي تم تحويلها، وسلاسل القيمة التي تم تعزيزها، وفرص الشغل التي تم خلقها، والثقة التي تمت استعادتها.
الطريق سيكون طويلاً، مليئاً بالتحديات، وأحياناً فوضوياً. لكن إذا توفرت الشروط، وإذا توافقت الجهات الفاعلة العامة والخاصة بشكل دائم، فـقد يتمكن رأس المال الاستثماري المغربي أخيراً من لعب الدور المُحفز الجوهري الذي يطمح إليه.
درهم دايجست سيتابع عن كثب كل مرحلة من مراحل هذا التحول – لأنه، وبغض النظر عن الأرقام، فإن الأمر يتعلق بجزء حاسم من مستقبلنا الاقتصادي.